قوله تبارك وتعالى: {ليس كمثله شىء} كلمة "شىء" نكرة فى معرض النفى فتفيد العموم، وهذا فيه ردٌّ على قولِ بعضِ مشبهَةِ هذا العصر حيث فسروا الآية بأن معناها ليس له مثلٌ فيما نعرف هذا تكذيبٌ للدين وخروجٌ عن مقتضى لغةِ العرب، أليسوا يقولون له كيف لا نعرِفُهُ؟! هذا معناه، والحقيقةُ أن هذه الآيةَ تقضِى على تحريفهِم هذا بحسب معناها فى لغة العرب قاضيةٌ على تحريفهم.اهــقال القونوى فى شرحه على الطحاوية قال نُعَيم بنُ حمّاد -عالم حديث مشهور من السلف- (مَنْ شَبَّهَ اللهَ بشىءٍ من خلقِهِ فقد كفر، ومن أنكر ما وصفَ الله به نفسَه فقد كفر).اهــ
وقال إسحق بن راهويه -بلغ درجة الاجتهاد -: (مَن وصفَ الله فشَبَّه صفاتِه بصفاتِ أحدٍ من خلقِ الله فهو كافرٌ بالله العظيم.)اهــ
ولذلك أيضاً قال الطحاوى: (ومن وصف الله بمعنًى من معانى البشر فقد كفر).اهــ
وممن نصَّ على نفى الصورةِ والكيفية عن الله الحافظ المحدث الفقيه أبو سليمان الخطابى -عالم بالحديث والفقه-.ما نصه أنه قال: إن الذي علينا و على كل مسلم أن يعلمه أن ربنا ليس بذي صورة و لا هيئة لأن الصورة تقتضي الكيفية و الكيفية عن الله و عن صفاته منفية.اهــو هاكم نص الإمام الأكبر أبو المظفر الإسفراييني رضي الله عنه في كتابه التبصير في الدين: و أن تعلم أن الحركة و السكون و الذهاب و المجيء و الكون في مكان و الإجتماع و الإفتراق و القرب و البعد من طريق المسافة و الإتصال و الإنفصال و الحجم و الجسم و الجثة و الحيز و المقدار و النواحي و الأقطار و الجوانب و الجهات كلها لا تجوز عليه تعالى جميعها يوجب الحد و النهاية، و يتابع قائلاً: و قد دللنا على إستحالة ذلك على البارىء تعالى و أصل هذا في كتاب الله تعالى و ذلك أن إبراهيم عليه السلام لما رأى هذه العلامات على الكواكب و الشمس و القمر قال:{ لا أحب الآفلين}، فبين أن ما جاز عليه تلك الصفات لا يكون خالقاً.
و هاكم ما يقوله الإمام الإسفراييني أيضاً: و أن تعلم أنه لا يجوز عليه الكيفية و الكمية و الأينية لأن من لا مثل له لا يمكن أن يقال فيه كيف هو. انتهى من كتابه التبصير في الدين.اهــ
وهاكم ما يقوله الإمام المدقق البحر العلامة ابن الجوزي في كتابه المدهش ما نصه: و إنما تضرب الأمثال لمن له أمثال كيف و الكيف في حقه محال أنَّ تتخيله الأوهام و كيف تحده العقول. و يقول في نفس الكتاب: ما عرفه من كيفه و لا وحده من مثله و لا عبده من شبهه، المشبه و المعطل أعمى.اهـــ
وهاكم ما يقوله الإمام أبو منصور البغدادي رضي الله عنه في كتابه الفرق بين الفرق و ذلك بعد أن ذكر عقائد الفرق الضالة المنحرفة و رد عليها ثم ذكر عقيدة أهل السنة و الجماعة فقال: و أجمعوا على إحالة وصفه بالصورة و الأعضاء، ثم يقول في نفس الكتاب: و أجمعوا على أنه لا يحويه مكان و لا يجري عليه زمان،اهــ
وهاكم ما يقوله الإمام عمر ابن محمد النسفي في العقيدة النسفية ما نصه: لا يوصف بالماهية ( أي بالهيئة و الشكل) و لا بالكيفية،اهــ
وهاكم ما يقوله الإمام محمد الزرقاني في كتابه مناهل العرفان في علوم القرءان المعتمد في الجامعة الأزهرية كلية أصول الدين الجزء الثاني ما نصه: أما نحن معاشر المسلمين فالعمدة عندنا في أمور العقائد في الأدلة القطعية التي تواترت على أنه تبارك و تعالى ليس جسماً و لا متحيزاً و لا متجزأً و لا مركباً و لا محتاجاً لأحد لا إلى مكان و لا إلى زمان و لا إلى نحو ذلك و لقد جاء القرءان بهذا في المحكمات إذ يقول سبحانه { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}.اهــ
وهاكم ما يقوله أيضاً الإمام القرطبي رضي الله عنه في كتابه الإعلام الجزء الأول عن الله: لا يتوجه عليه متى و لا أين و لا لم و لا كيف فلا يقال متى وجد و لا أين وجد و لا كيف هو.اهـــ
وهاكم ما يقوله أيضا الإمام النسفي (461-537 هـ) في العقائد ما نصه ( عن الله سبحانه وتعالى) " ليس بعرض، ولا جسم، ولا جوهر، ولا مصوّر، ولا محدود، ولا معدود، ولا متبعض. ، و لا متحيز، ولا متركب، ولا متناه، ولا يوصف بالماهية، ولا بالكيفية و لا يتمكن في مكان، و لا يجري عليه زمان ولا يشبهه شىء" ا.هـ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق