بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 6 أكتوبر 2018

شرح حديث : من يرد الله به خيرا يصب منه ...

شرح حديث : من يرد الله به خيرا يصب منه ...
الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن وصلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد أشرف المرسلين وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وبعد.
الرسول علمنا الأدب الحسن فقال: إذا نظر أحدكم إلى من هو أفضل منه في الخلق والمال لينظر إلى من هو أسفل منه إذا وجد رجلا فأعجبته صحته ونشاطه الجسماني وهو أقل من ذلك فليقل أنا ينبغي من أن أحمد الله على القدر الذي أعطاني من الصحة وكذلك إذا نظر إلى أهل الغنى فليقل أحمد الله على ما رزقني وليكف نفسه عن شغل قلبه بأن يكون مثل أولئك.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري: من يرد الله به خيرا يصب منه أي يبتليه بالمصائب ولنا في ذلك أسوة حسنة وهو أن ننظر إلى تواريخ الأنبياء فإن كلا منهم في الدنيا أصيبوا بالبلاء الكبير فمنهم من كان ابتلي بالمرض الشديد مع طول المدة ومنهم من كان بلاءه شدة الفقر ومنهم من كان بلاءه بشدة أذى الناس له، وقد ذكر الله تعالى في القرءان أن بني إسرائيل الكفار منهم قتلوا أنبياء وليس هذا لِهوانهم على الله بل هم عند الله كرماء لكن في هذا البلاء لهم زيادة رِفعة عند الله.
هذا أيوب عليه السلام بلاءه كان مرضا لازمه ثمانية عشر عاما وكان أيضا أُصيب ببلاء في ماله وفي أولاده، وماله بعد أن كان له مال كثير وغنا طويل عريض ذهب ماله كله ومات أولاده كلهم ثم عافاه الله تعالى ورد عليه صحته كما كان قبل ثمانية عشر عاما، رأى رجلين يقول أحدهما للآخر ـ قولا كفريا ـ أتظن أن أيوبا ابتلاه الله بهذا البلاء الطويل من ذنب أذنبه فانكسر خاطره عندئذ دعا ربه أن يكشف عنهم الضر الذي أصابه، مسكت زوجته بيده إلى محل قضاء الحاجة ولم يبق معه من يعطف عليه إلا هذه أما من سواها فقد جفاه القريب والبعيد أقرباؤه والبعداء كلهم جفوه ثم دعا الله تعالى، الله تعالى أوحى إليه اغتسل بهذا الماء واشرب منه بعين انبعه الله له فشرب منه واغتسل فرد الله عليه صحته ولما رأته زوجته ما عرفته قالت له هل رأيت نبي الله المبتلى وقد كان أشبه الناس بك حين كان صحيحا فقال لها أنا هو، وقد بلغ به البؤس إلى أن زوجته ذات يوم ما وجدت ما تطعمه فلجأت إلى أن باعت نصف شعر رأسها وكان شعر رأسها جميلا بثمن من بعض بنات الملوك فأحضرت له طعاما فسألها من أين هذا؟ فقالت قصتي كذا وكذا فغضب وحلف ليضربنها مائة ضربة، فبعد هذا الضيق كلِّه عافاه الله، ردَّ عليه صحته ورزقه رزقا كثيرا ورزقه من الأولاد أربعا وعشرين، بعد ذلك رجعت امرأته هذه تسمى رحمة إلى حال الشباب رجعت إلى شبيبتها، ثم هو وفَّى يمينه بأمر أوحى الله إليه، الله تعالى أوحى إليه خذ بيدك دُغساً أي أغصانا من النبات مجموعة هي مائة غصن أو مائة قطعة من النبات من نبات الأرض فاضرب به فإذا فعلت ذلك لا تكون كسرت يمينك، فالله تبارك وتعالى جعل لزوجته هذا المخرج.
ثم نبي الله يحيى عليه السلام الذي هو ابن خالة عيسى كان في زمانه ملك غلبته نفسه الخبيثة فقتله لأجل تنفيذ رغبة امرأة كانت شرطت عليه أن لا تزوجه بنتها إلا أن يقتل يحيى لأن يحيى قال له لا يجوز لك أن تتزوج هذه البنت، حرام عليك لأنها لا تحل له شرعا في شريعة الله، كانت ربيبته هذه البنت، هذه المرأة شرطت على ذلك الملك حتى تزوجه بنتها أن يقتل يحيى قالت له إن قتلت يحيى الذي منعك من زواج البنت تتزوجها فقتل يحيى، فقتله فوضع رأسه في طست أي وعاء ونزل شئ من دمه على الأرض وجعل هذا الدم يفور لا يهدأ من الفوران الغليان، ثم تسلط عليه وجماعته ملك ءاخر جبارٌ فأبادهم فقتل منهم سبعين ألفا فهدأ دمه، لما قُتل من أولئك سبعون ألفا هدأ الدم.
كذلك أبوه زكريا نبي الله قتله الكفار، هو كان ربَّى مريم، تربت تحت إشرافه وكفالته فلما رزق الله تعالى مريم ابنها المسيح حملت به قالوا الكفار قالوا له أنت زنيت بها فر منهم من شدة الأذى فانفلقت له شجرة كبيرة فدخل فيها حتى يختفي منهم وكان يظهر من الشجرة شئ من ثوبه، الشجرة التأمت لكن هذا القدر بقي من ثوبه إلى الخارج فجاء ابليس فقال للناس الذين أرادوا أن يلحقوه قال لهم هو دخل في هذه الشجرة اقطعوها فنشروها بالمنشار، انقطع نصفين زكريا عليه السلام والد يحيى وهكذا جرى لكل نبي بلاء عظيم في الدنيا عظيم.
وهكذا الأنبياء الذين قبل هؤلاء ابتلوا ببلاء كبير في الدنيا وهم عند الله أفضل من الملائكة هم أفضل خلق الله عند الله درجة ومع ذلك في الدنيا كان حظهم من البلاء أكثر، كذلك بعد الأنبياء الأولياء أكثر الناس بلاء لكن أنواع البلاء يختلف منهم من يُبتلى بشدة الفقر ومنهم من يبتلى بكثرة الأمراض والأوجاع ومنهم من يبتلى بكثرة أذى الناس لـه، ثم بعد الأنبياء والأولياء يُبتلى على قدر قوة دينه، على قوة الشخص في دين الله وتمسكه في دين الله وعمله بدين الله يَعْظُمُ عليه البلاء في الدنيا، المؤمنين بعد الأنبياء والأولياء على حسب دينهم يقوى بلاءهم.
وقد كان من أولياء الله من ابتلي بالفالج ثم دعا الله تعالى أن يعافيه قدر ما يستطيع أن يتطهر ويصلي قائما ثم بعد أن ينتهي من الصلاة يعود كما كان، يتسلط عليه الفالج، هذا الولي الكبير ممن رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه كرامة، لأن العادة في مرض الفالج أنه يلازم صاحبه الليل والنهار كل ساعات الليل والنهار لكن الله تعالى أكرمه بأن استجاب لـه دعاءه لأن يقوم للطهارة والصلاة كأنه ليس به هذا المرض، وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا تجعل مصيبتنا في ديننا وذلك لأن المصيبة في الدين نقصان في العبد عند الله تعالى، الإنسان الّذي يبتلى في دينه يصاب في دينه هذا ينحط عند الله تعالى، تنحط مرتبته، أما الّذي يصاب في دنياه ويَسْلَم له دينه فهو يترفع ويترقى
الواجب على المؤمنين أن يصبروا على البلاء ولا يصرفنه البلاء من فقر ومرض وغير ذلك كفقدان أولاد كفقدان من يعز عليه من أحبابه أقربائه وغيرهم لا يصرفه ذلك عن التمسك بعبادة الله بل يثبت على طاعة الله يؤدي الفرائض لا يهملها ويجتنب المعاصي ولا يرتكبها من أجل أنه أصابته مصيبة.اهـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك

  حسن التفهم والدرك لمسئلة الترك تأليف: أبي الفضل عبد الله محمد الصديقي الغماري تقديم الترك ليس بحجة في شرعنا … لا يقتضي منعًا ولا إيجابا فم...