التحذير من الوهابية المشبّهة
ليعلم أن أكثر فِرَق الضلال وجودًا اليوم المشبهة، والوهابية ها هم صريحًا يشبهون الله بخلقه والمشبّهُ كافر، وينشرون هذه العقيدة الفاسدة بين الناس فهل نسكت عنهم فيتوهم الناس أنهم على الإسلام ليتبعهم أكثر ممن تبعهم قبلُ ولتَهُون مخالفتهم لأهل الحق في العقيدة فيظن الجاهل أنهم من جملة المسلمين وأنّ تشبيه الله هو ما جاء به النبيّ الكريم صلى الله عليه وسلم، فهذا عبد الله بن حسن حفيد محمد بن عبد الوهاب قال في مكة قبل نحو سبعين سنة وهو ينزل من الدرج: الله ينزل كنزولي هذا. شهد بذلك الشيخ عليُّ بن عبد الرحمن الصومالي وكان مجاورًا بمكةَ يناقش حسنًا هذا في عقيدتهم الفاسدة أحيانًا سمعه بأذنه يقول هذه الكلمة ثم سُفّر لأنه أظهر مخالفتهم، فهل نسكت عن تكفير مثل هذا. ألا نقتدي بالإمام الشافعي وأحمد بن حنبل ومالك وأبي حنيفة فإن كلاًّ منهم كفّر المجسم ومن أراد الاطلاع على نصوصهم فليطلب منا ذلك.وهل نسكت كما سكت غيرنا ممن يعرف ضلال هؤلاء بدعوى توحيد الصف الإسلامي بزعمه، وهل إنكار المنكر تفريق لصف المسلمين حاشا وكلا، فإن تكفير الكافر ليس تفريقًا للصف بل بيان للحق، وكيف توحّد الصف مع من يكفرك ويستحل دمك؟! فالوهابية يروننا كفارًا بل يرون كل من ليس وهابيًّا كافرًا وقد قال عدد من دعاتهم في مؤلفاتهم: "قاتلوا الصوفية قبل أن تقاتلوا اليهود والمجوس" منهم صاحب الكتاب المسمّى "المجموع المفيد من عقيدة التوحيد" (انظر الكتاب ص/55) علي بن محمد بن سِنان المدرس في المسجد النبوي والجامعة المسمّاة بالجامعة الإسلامية. والصوفية هم عباد الله الصالحون منهم الخلفاء الأربعة وكثير من التابعين وكثير من أتباع التابعين وقد ألف في بيان التصوف الحقيقي الحافظ أبو نعيم كتابه "حلية الأولياء" وذكر من بينهم الخلفاء الأربعة ومن بعدهم من الزهاد المنقطعين إلى الله ولا نعني بالصوفية من تشبه بهم وليس منهم.
ومن شواهد تكفير الوهابية للمسلمين أن شابًا حبشيًا درس في جامعة الوهابية المسماة "الجامعة الإسلامية" خمس سنوات ثم رجع إلى أهل بلده وصار يقول لهم أنتم كفار لأنكم تقولون يا محمد يا عبد القادر وتعبدون قبور المشايخ ثم قال لأبيه يا أبي أنت كافر فلم يتمالك الأب نفسَه بل ضربَه بالرّصاص فقتله ثم سلّم نفسه للحكومة وهذه الحادثة مضى عليها نحو أربع سنوات.
وقد قال محمد بن عبد الوهاب إمامهم من دخل في دعوتنا فله ما لنا وعليه ما علينا ومن لم يدخل فهو كافر مباح الدم اهـ.
وقال مفتي مكة الحنبلي عبد الله بن حميد الحنبلي النجدي في كتابه الذي ألفه في تراجم فقهاء الحنابلة من رجال ونساء والذي سماه "السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة" وقد ترجم فيه ثمانمائة عالم وعالمة قال في ترجمة عبد الوهاب بن سليمان والدِ محمد بن عبد الوهاب بعد أن أثنى عليه وعلى ابنه الشيخ سليمان أخِ محمد إنه أي محمد بن عبد الوهاب كان يكفر من يخالفه ويستحل قتله وذلك في (ص/276) من النسخة المطبوعة لأول مرة في الرياض.
وقد حصل قبل ثمانين سنة أن هاجموا شرقي الأردن فقتلوا ثلاثة ءالاف مسلم وزيادة وهم يرونهم كفارًا مستَحلّين سَفْك دمائهم بل كانوا يذبحون المسلم كما تذبح الشاة يقولون بسم الله كافر عدو الله اذبحوا الكافر. حتى إن بعض أهل الأردن من المسنين قال شاهدت وهابيًّا يذبح أردنيًّا وأنا صغير وهو يقول بسم الله كافر عدو الله. وبلغنا ذلك أيضًا من طريق خطيب مسجد في الأردن اسمه فراس سعد الدين هو سمع ذلك من رجل ءاخر كبير في السن أخبره أنه شهد ذلك رءاه بعينه وسمعه بأذنه في صغره منذ ثمانين سنة تقريبًا وقال كذلك رأيت الوهابي يقول للوهابي الآخر الذي يذبح الأردني المسلم لا تحرمنا بركته يريد المشاركة في الذبح. وفي المكتبات الأردنية وثائق كثيرة تشهد أيضًا لما ذكرنا.
وأما الوهابية فهم مجسمون وهم كفار لأن الإمام الشافعي رضي الله عنه قال: المجسم كافر، ذكره السيوطي في "الأشباه والنظائر" ص 488 من طبعة دار الكتب العلمية، والإمام أحمد قال: من قال الله جسم لا كالأجسام كفر، ذكره صاحب الخصال وهو من مشاهير الحنابلة. وكذلك الإمام مالك رضي الله عنه كفّر المجسم وكذلك الإمام أبو حنيفة.
قال ابن حجر الهيتمي في كتابه "المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية" :واعلم أن القرافي وغيره حكوا عن الشافعي ومالك وأحمد وأبي حنيفة رضي الله عنهم القول بكفر القائلين بالجهة والتجسيم وهم حقيقون بذلك" انتهى.
وقال محمد بن بدر الدين بن بلبان الدمشقي الحنبلي في كتابه "مختصر الإفادات" ص 490 :"ولا يشبه شيئًا ولا يشبهه شىء فمن شبهَهُ بشىء من خلقه فقد كفر كمن اعتقده جسمًا أو قال إنه جسم لا كالأجسام" انتهى.
وهذا الطريق هو الطريق السالم الذي كان عليه المحدث الفقيه شيخ الصوفية المحققين سيدنا أبو العباس أحمد بن عليّ الرفاعي رضي الله عنه حيث قال: "صونوا عقائدكم عن التمسك بظاهر ما تشابه من الكتاب والسنة فإن ذلك من أصول الكفر" اهـ أي أوقع كثيرًا من الناس في الكفر لأن المشبهة يعتقدون أن وجه الله جسم، لذلك قال بعض قدماء المشبهة في قوله تعالى {كل شىء هالكٌ إلاَّ وجهَه} [سورة القصص/88] إن الله يفنى كله ويبقى منه الوجه فقط وهو بيان بن سمعان التميمي زعيم البيانية لأنه فسر الوجه على الظاهر.
فهذا معتقد متأخري المشبهة ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وأتباعهما وإن قالوا لله وجه بلا كيف، لله عين بلا كيف، لله يد بلا كيف، لكن في الحقيقة هم يعتقدون الكيف ويقولون "بلا كيف" تمويهًا على الناس بأنهم على مذهب السلف. أولئك السلف كانوا ينفون الكيف مطلقًا اعتقادًا ولفظًا أما هؤلاء يقولون لفظًا بلا كيف وهم يعتقدون الكيف فالسلف بريئون منهم. السّلف كانوا يأولون تأويلاً إجماليًّا وهو قول بلا كيف ويأولون تأويلاً تفصيليًّا كتأويل ابن عباس للسّاق في قوله تعالى {يوم يُكشف عن ساق} [سورة القلم/42] بالشِّدة الشديدة، فلا يوجد من أئمة السلف من يعتقد في الله الجسم والأعضاء والحركات والسكون والانتقال فالعجب من عليّ الجَفري الذي يعتقد أن الوهابية مجسّمة ثم يقول أنا لا أكفّرهم اهـ. بل الذي يشُك في كفر المجسّم هو يكفر. فكيف يقول عليّ الجَفْري عن الوهابية يكفّرون من يتوسل بالأنبياء والأولياء ويحرمون المولد وقراءة القرءان على أموات المسلمين ويقولون الله جسم جالس لكن حاشا لله أن نكفرهم أو نقول عنهم يهود؟!!.
ثم إن الوهابية يفسرون العين المذكورة في القرءان مضافة إلى الله بالجسم، واليد المذكورة في القرءان مضافة إلى الله بالجسم وكذلك المجيء الوارد في {وجاء ربُّك والملَك} [سورة الفجر/22] بالانتقال من العرش إلى موقفِ يوم القيامة فأدى بهم ذلك إلى تشبيه الله بخلقه والله منزه عن أن يكون جسمًا وعن أن يتصف بصفات الجسم كالحركة والانتقال والسكون لأن الحركة والسكون من صفات الجسم فلو كان الله جسمًا متحركًا لكان له أمثال كثير ولو كان ساكنًا لكان له أمثال كثير، ولو كان متحركًا في وقت وساكنًا في وقت كالبشر والجن والملائكة لكان له أمثال كثير، والله نفى المثل عن نفسه على الإطلاق وذلك بقوله {ليس كمثله شىء} [سورة الشورى/11]، فالعرش والسموات ساكنات دائمًا والنجوم متحركات دائمًا والإنسان والملائكة متحركون وقتًا وساكنون وقتًا فوجب تنزيهه عن الحركة والسكون ولذلك أوَّل الإمام أحمد ءاية {وجاء ربك} [سورة الفجر/22] فقال: "جاءت قدرته" وذلك صحيح ثابت الإسناد عند الحافظ البيهقي، وقال بعضهم قال أحمد جاء أمره فإنما أوّل أحمد ولم يأخذ بظاهر اللفظ لأن الحركة والسكون من صفات الخلق.
وقال ابن تيمية إنّ الله ينزل من العرش إلى السماء الدنيا ولا يخلو (انظر كتابه المسمى "منهاج السنة النبوية" 1/262، و"شرح حديث النزول" ص/66 و99، و"مجموع فتاوى ابن تيمية" 5/131 و415) منه العرشُ هذا كلام متناقض فهو كأنه قال ينزل ولا ينزل، وهو بهذا جعل الله كالمطاط يتمدّد ويتقلّص لأن السماء حجمها صغير بالنسبة للعرش.
ولا يجوز أن يقال كيف يكون الله موجودًا غير متحرك ولا ساكن، فإن قال قائل ذلك يقال له: العقل يُجَوّز ذلك لكن الوهم هو الذي لا يُجَوّز ذلك والوهم لا اعتبار له كما قال الإمام السلفي المحدث ذو النون المصري: "مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك" اهـ وذو النون أخذ العلم والحديث من مالك وغيره وهو من الصوفية الصفوة الذين مدحهم العلماء من طبقة الجنيد. والجنيد وطبقته من الصوفية وكل من جاء بعده على منهجه من خيار خلق الله إلى يومنا هذا حتى إنابن تيمية قال في الجنيد إنه إمام هدى وكان رئيس الصوفية وقدوتهم. السابقون منهم ومن تبعهم إلى هذا العصر على مذهبه وما عليهم من فساد أكثر المنتسبين إلى التصوف اليوم.
ومثلما قال ذو النون قال الإمام أحمد أيضًا ذكر ذلك عنه أبو الفضل التميمي الحنبلي. وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه معناه فإنه قال: "من انتهض لمعرفة مدبره فانتهى إلى موجود ينتهي إليه فكره فهو مشبه ومن انتهى إلى العدم الصرف فهو معطل ومن انتهى إلى موجود واعترف بعجزه عن إدراكه فهو موحد" اهـ وهذا معنى {ليس كمثله شىء}.
والمشبهة لا يعترفون بموجود غير متحيز في جهة ومكان غير متحرك وساكن لأنهم يقيسون الخالق على المخلوق يظنون أن الوجود لا يصح إلا بالمكان وقد فهم بعض المجسمة من هذه الآية {كل شىءٍ هالك إلا وجهه} أن العالم شىء يفنى كله يوم القيامة ولا يبقى منه شىء وأنّ الله جسم مركب من أعضاء يفنى كله يوم القيامة إلا وجهَه، وهؤلاء أتباع بيان بن سَمْعَان التميميّ كما تقدم، والوهابية مثلهم يعتقدون أن الله جسم مؤلف من بدن وأعضاء وإن لم يقولوا بأن الله يفنى كله ولا يبقى منه إلا الوجه.
نقول: العالم إما جسم لطيف وإما جسم كثيف كالإنسان والشمس والقمر والنجم والأول كالنور والظلام والروح فالآية {ليس كمثله شىء} نزهت الله عن أن يكون جسمًا كثيفًا وعن أن يكون جسمًا لطيفًا وعن صفاتهما من الحركة والسكون لأنه لو كان متحركًا لكان له أمثال ولو كان ساكنًا لكان له أمثال.
والوهابية يعتقدون أن الله جسم ويعتقدون أن له ساقًا جسمًا وغيرَ ذلك من الأعضاء فهم كفار حتى إن بعض دكاترتهم قال: هو يُدْخِلُ رجله في جهنم عندما يقال للنار هل امتلأت فتقول هل من مزيد فلا تحترق رجله اهـ. ومع اعتقادهم أنه جسم يقولون تشبهًا بالسّلف في زعمهم وتمويهًا على الناس: له وجه لا كالوجوه وله يد لا كالأيدي إيهامًا للناس أنهم على ما قاله بعض السلف من قولهم لله وجه بلا كيف، ويد بلا كيف، وعين بلا كيف، وهم أي الوهابية يعتقدون الكيف لكن للتمويه على الناس يقولون لفظًا "بلا كيف" وأحيانًا يقولون "على ما يليق به" ومرادهم أن الله جسم كما قال ابن تيمية: إن الله بقدر العرش لا أصغر ولا أكبر، ومرة قال: بقدر العرش بل أعظم منه اهـ فالوهابية على هذا الاعتقاد. نسب ذلك إليه الحافظ الكبير العلائي شيخ مشايخ الحافظ ابن حجر. وقد قال ابن تيمية في مجموعة فتاويه: إن الله على العرش حقيقة ومعنا حقيقة اهـ وهذا شبيه بعقيدة الحلوليين وهو يذم الحلوليين.
فالله تعالى كما قال الإمام السلفي المحدث ذو النون المصري "مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك". والمشبهة لا يعترفون بموجود غير متحيز في جهة ومكان غير متحرك ولا ساكن لأنهم يقيسون الخالق على المخلوق. يظنون أن الوجود لا يصح إلا بالمكان مع ثبوت وجود الله قبل المكان بلا مكان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان الله ولم يكن شىءٌ غيرُه" أي كان الله موجودًا قبل المكان والزمان وقبل الجهات السّت والعرش، فالله الذي هو موجود قبل المكان بلا مكان هو موجود بعد وجود المكان بلا مكان، فالحديثُ دليل على صحة وجود الله بلا مكان قبل المكان وبعد وجود المكان. والحديث رواه البخاري والحافظ أبو بكر ابن الجارود والبيهقي (أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب بدء الخلق: باب ما جاء في قول الله تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده} [سورة الروم/27]، والبيهقي في سننه 9/3).
قال محمد بن بدر الدين بن بلبان الدمشقي الحنبلي في كتابه (مختصر الإفادات ص 489) : "فصل: ويجب الجزم بأنه سبحانه وتعالى ليس بجوهر ولا جسم ولا عرَض لا تحله الحوادث ولا يحل في حادث ولا ينحصر فيه فمن اعتقد أو قال إن الله بذاته في كل مكان أو في مكان فكافر" اهـ.
ثم إن الوهابية يكفّرون من ليس منهم كما تقدم، وهذا الذي كان عليه زعيمهم محمد بن عبد الوهاب فكل وهابيّ يضمر أنّ من ليس على عقيدتهم كافر، وقد قال أحد مدرسيهم في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم قبل ثماني سنوات في موسم الحج والزيارة: ثلاثة أرباع المسلمين كفار لأنهم يقولون يا محمد يا عبد القادر وهذا كان مدرسًا رسميًّا قال ذلك وهو قاعد على كرسي التدريس. وفي عام 1993ر كان أبو بكر الجزائري أحد زعماء الوهابية يدرس في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: والله إن الإسلام لن يستقيم حتى يخرجُوا هذا الصنم من المسجد وأشار إلى القبر الشريف، وهذا تكفير صريح للمسلمين لأنّ المسلمين علماءَهم وعوامَّهم راضون بذلك. وقد ثبت أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين قاتلوا مسيلمة الكذاب كان شعارهم في الحرب يا محمداه ذكر ذلك الحافظ المجتهد محمد بن جرير الطبري في تاريخه (تاريخ الطبري 2/281، الكامل في التاريخ لابن الأثير 2/364، البداية والنهاية لابن كثير 6/243).
فالوهابية على قولهم كفروا الصحابة ومن جاء بعدَهم فإن هذه القصّة رواها بعض المحدثين بإسناد صحيح قال ابن كثير في تاريخه بعد أن أورده: "وهذا إسناد جيد" أي صحيح وذكر ذلك غيره. وفي تاريخ الطبري ما نصه (تاريخ الطبري 3/336): "قال أبو مخنف حدثني أبو زهير العبسيّ عن مرة بن قيس التميمي قال: نظرت إلى تلك النسوة لما مررن بحسين وأهله وولده صِحْن ولَطمن وجوههنّ قال فاعترضتُهنَّ على فرس فما رأيت مَنظرًا مِن نسوة قطُ كان أحسنَ مِن منظر رأيتُه منهن ذلك اليوم والله لهن أحسَنُ من مَهَا يَبْرِين. قال فما نسيتُ من الأشياء لا أنسى قول زينب ابنة فاطمة حين مرت بأخيها الحسين صريعًا وهي تقول: يا محمداه يا محمداه صلى عليك ملائكة السماء هذا الحسينُ بالعراء مرمَّلٌ بالدماء مقطعُ الأعضاء، يا محمداه وبناتك سبايا وذريتك مقتَّلة تَسفي عليها الصَّبا. قال فأبكت والله كل عدو وصديق" اهـ.
وفي صحيفة 648 منه ما نصه: "وذكر ضمرة بن ربيعة عن أبي شَوْذب أن عمال الحجّاج كتبوا إليه إن الخراج قد انكسر وإن أهل الذمة قد أسلموا ولحقوا بالأمصار فكتب إلى البصرة وغيرها أن من كان له أصل في قرية فليَخرج فخرج الناس فعسكروا فجعلوا يبكون وينادون: يا محمداه يا محمداه وجعلوا لا يدرون أين يذهبون فجعل قراء أهل البصرة يخرجون إليهم متقنعين فيبكون لما يسمعون منهم ويرون" اهـ.
هذا وبعض الناس ينتقدوننا حينما نحذر من الوهابية وأمثالهم من أتباع سيد قطب يقولون الآن الوقت وقت توحيد الصف لا يعجبهم بيان كفر من كفر ولا يعجبهم التحذير ممّن كفر، وهؤلاء لو عرفوا حقيقة الوهابية وحزب الإخوان جماعة سيد قطب ما قالوا ذلك لأن كلا الفريقين يستحلون دماء من ليس منهم إن تمكنوا فكيف لا نكفرهم هم يكفروننا بغير حق ونحن نكفرهم بحق.
وبعض الجهلة يقولون كيف نكفّرهم وهم يقولون لا إله إلا الله، ولا يدرون أنّ لا إله إلا الله لا تنفع إلا من عرف الله، والذي يعتقد أن الله جسم ما عرفه كما قال الإمام أبو الحسن الأشعري: "المجسم جاهل بربه فهو كافر بربه" اهـ قاله في كتابه "النوادر".
وقال الكمالُ بنُ الهُمام الحنفي في (فتح القدير 1/403: باب الإمامة) : "من قال الله جسم لا كالأجسام كافر" انتهى.
فالوهابية مجسّمة لأنّهم يعتقدون أنّ الله جسم ملأ العرش، فلا يجوز لنا أن نسكت كما سكت أكثر أهل العصر عن تكفير من يستحق التكفير لأن في ذلك تعطيل أحكام الردة. وقد وضع الفقهاء لأحكام الكفر والردة بابًا مستقلاً.
وكما يكفر من ينسب إلى الله تعالى أنه موجود في مكان واحد، كذلك يكفر من يعتقد أنه سبحانه وتعالى موجود في الأماكن كلها، وقد صرح بهذه العقيدة الكفرية سيد قطب فمن كفرياته اعتقاده أنّ الله مع الخلق في كل مكان حقيقة لا كناية ومجازًا أي أن الله مخالط لخلقه يتنقل معهم حيثما تنقلوا، وهذا كلامه في تفسيره في تفسير سورة الحديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق